عرض مشاركة واحدة
قديم 07-05-2015, 01:29 AM
  #1
No mercy
 الصورة الرمزية No mercy
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
العمر: 36
المشاركات: 655
معدل تقييم المستوى: 10
No mercy is on a distinguished road
افتراضي هل الإسلام هو الإيمان؟
انشر علي twitter

هل الإسلام هو الإيمان؟



هل الإسلام هو الإيمان؟ وهل الإيمان هو الإسلام؟ أو غيره. فهذا مما افترقت فيه الطوائف، كافتراقهم في مسمى الإيمان.
فقالت الوعيدية: إن الإسلام هو الإيمان والعكس صحيح كما في ((جامع العلوم والحكم)) لابن رجب (ص26). .
وقيل: الإسلام هو الكلمة أي كلمة التوحيد بالشهادتين. والإيمان هو العمل.
وهذان القولان لهما وجه صحيح يتضح عند التحقيق في معناهما.
وذهب الأشاعرة إلى أن الإيمان خصلة من خصال الإسلام، بأن كل إيمان إسلام وليس كل إسلام إيمانا وهو قول أبي بكر الباقلاني نقله عنه بلفظه شيخ الإسلام في ((مجموع الفتاوى)) (7/154) وما بعدها وقال قبله: ((فصل: قال الذين نصروا مذهب جهم في الإيمان من المتأخرين كالقاضي أبي بكر وهذا لفظه..)).اهـ. فذكره. .
وهذا القول فيه حق وباطل.....
والقول الصواب الذي عليه أهل التحقيق القول بالتفصيل، وهو إجمالاً: الإسلام والإيمان إذا اجتمعا افترقا. وإذا افترقا اجتمعا. ومعناه: أن الإسلام والإيمان إذا اجتمعا في نص واحد من كتاب أو سنة فإن لكل واحد منهما معنى يختص به. فالإسلام: الأعمال الظاهرة ومنها الشهادتان والصلاة.. والإيمان: الأعمال الباطنة من الاعتقادات كالتوكل والخوف والمحبة والرغبة والرهبة… وغيرها. وقد دل على هذا دلائل كثيرة منها اكتفاءً واختصاراً:
قوله تعالى في سورة الحجرات: قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات: 14] فاجتمعا في نص واحد، ونفى عنهم الإيمان، وأثبت لهم الإسلام؛ فدل على افتراقهما أنهم مسلمون لكن لم يبلغوا أن يكونوا مؤمنين.
وحديث جبريل عليه السلام المشهور وفيه ذكر الإسلام: بالأركان الخمسة، والإيمان: بالأصول الستة.
فإنهما اجتمعا في نص واحد، أجاب النبي صلى الله عليه وسلم لكلٍ بمعنى غير الآخر؛ فدل على افتراقهما.
وأركان الإسلام الخمسة أعمال ظاهرة، وأصول الإيمان الستة أعمال باطنة، ولا بد منهما جميعاً.
وحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: ((أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطاً وسعد جالسٌ، فترك رجلاً هو أعجبهم إليَّ، فقلت: يا رسول الله مالك عن فلان؟ فوالله إني لأراه مؤمناً. فقال: أو مسلماً مالك عن فلان، ثم غلبني ما أعلم منه، فعدت لمقالتي، فقلت: مثل ذلك وأجابني بمثله، ثم غلبني ما أعلم منه فعدت لمقالتي، وعاد صلى الله عليه وسلم ثم قال: يا سعد إني لأُعطي الرجل، وغيره أحب إليَّ منه، خشية أن يكبه الله في النار)) رواه البخاري (27)، ومسلم (150). من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.
ووجه الدلالة كما في دلالة آية الحجرات، بتفريقه صلى الله عليه وسلم بين المؤمن والمسلم في نص واحد، مما يدل أن لكل منهما معنى يختص به...
ومن هنا قال الحافظ بن رجب في جامع العلوم والحكم: قال المحققون من العلماء: كل مؤمن مسلم، فإن من حقَّق الإيمان، ورسخ في قلبه، قام بأعمال الإسلام، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)) رواه البخاري (52)، ومسلم (1599). من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه. فلا يتحقق القلب بالإيمان إلا وتنبعث الجوارح بالأعمال.
وليس كل مسلم مؤمناً، فإنه قد يكون الإيمان ضعيفاً فلا يتحقق القلب به تحقيقاً تاماً، مع عمل جوارحه أعمال الإسلام فيكون مسلماً، وليس بمؤمن الإيمان التام.اهـ. ((جامع العلوم والحكم)) شرح الحديث الثاني: حديث جبريل المشهور (ص28)، وانظر: ((منهج الحافظ ابن رجب)) ص (428) وما بعدها. .
ومعنى افتراقهما: أن يأتي أحدهما في نص دون الآخر، فعندئذٍ يكون أحدهما بمعنى الآخر، فالإسلام هو الإيمان والعكس صحيح.
ولهذا أدلة كثيرة في الوحيين: منها قوله تعالى في سورة آل عمران: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران: 85].
وفي أولها قوله سبحانه: إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ [آل عمران: 19]. فاقتضينا أن الدين عند الله الإيمان، ومن يبتغ غير الإيمان ديناً فلن يقبل منه.
ومنه قوله تعالى في خطابه للمؤمنين في آيات كثيرة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ فإن الخطاب أيضاً متوجه للذين أسلموا ولما يدخل الإيمان في قلوبهم، مما يدل على تناول أحدهما الآخر عند الانفراد.
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الإيمان بضع وستون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان)) رواه البخاري (9)، ومسلم (35). وفي لفظ آخر: ((الإيمان بضع وسبعون)) رواه مسلم (35). .
فإن الإيمان هنا متناول للإسلام لاشتماله على الصلاة والصيام والحج والزكاة.
ولما في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يرفعه إليه صلى الله عليه وسلم: ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه)) رواه البخاري (10)، ومسلم (40). .
وعن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شغف الجبال ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن)) رواه البخاري (19). .
ففي كلا الحديثين المسلم يشمل المؤمن، مما يدل على أنهما بمعنى واحد عند الاجتماع.
ومن أصرح الأدلة من السنة على كون افتراقهما يُصِّيرُ معناهما واحداً حديث وفد عبد القيس، المتفق على صحته من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أنهم جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، إن بيننا وبينك هذا الحي من مضر ولا نستطيع أن نأتيك إلا في الأشهر الحرم، فمرنا بأمر فصل نخبر به من وراءنا، وندخل به الجنة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((آمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ قالوا: الله ورسوله أعلم! قال: تشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيموا الصلاة، وتؤتوا الزكاة، وتصوموا رمضان، وأن تعطوا من المغنم الخمس)) الحديث رواه البخاري (53) وهذا لفظه، ومسلم (17). من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. .
فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرهم في الحديث – في هذا الحال المهم، والسؤال الأهم – عن الإيمان بأركان الإسلام، فدل على أنهما بمعنى واحد، مما يفيد أن أحدهما يغني عن الآخر عند الافتراق. مسألة الإيمان لعلي بن عبد العزيز الشبل – بتصرف – ص: 23

واعلم أن (الإيمان والإسلام) يجتمع فيهما الدين كله وقد كثر كلام الناس في (حقيقة الإيمان والإسلام) ونزاعهم واضطرابهم; وقد صنفت في ذلك مجلدات؛ والنزاع في ذلك من حين خرجت الخوارج بين عامة الطوائف. ونحن نذكر ما يستفاد من كلام النبي صلى الله عليه وسلم مع ما يستفاد من كلام الله تعالى فيصل المؤمن إلى ذلك من نفس كلام الله ورسوله فإن هذا هو المقصود. فلا نذكر اختلاف الناس ابتداء؛ بل نذكر من ذلك - في ضمن بيان ما يستفاد من كلام الله ورسوله - ما يبين أن رد موارد النزاع إلى الله وإلى الرسول خير وأحسن تأويلا وأحسن عاقبة في الدنيا والآخرة. فنقول: قد فرق النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل عليه السلام بين مسمى (الإسلام) ومسمى (الإيمان) ومسمى (الإحسان). فقال: ((الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا. وقال: الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره)). و(الفرق) مذكور في حديث عمر الذي انفرد به مسلم رواه مسلم (8). وفي حديث أبي هريرة الذي اتفق البخاري ومسلم عليه رواه البخاري (50)، ومسلم (9، 10). وكلاهما فيه: أن جبرائيل جاءه في صورة إنسان أعرابي فسأله. وفي حديث عمر: أنه جاءه في صورة أعرابي. وكذلك فسر (الإسلام) في حديث ابن عمر المشهور قال: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان)) رواه البخاري (8)، ومسلم (16). . وحديث جبرائيل يبين أن (الإسلام المبني على خمس) هو الإسلام نفسه ليس المبني غير المبني عليه؛ بل جعل النبي صلى الله عليه وسلم الدين ثلاث درجات: أعلاها (الإحسان) وأوسطها (الإيمان) ويليه (الإسلام) فكل محسن مؤمن وكل مؤمن مسلم وليس كل مؤمن محسنا ولا كل مسلم مؤمنا كما سيأتي بيانه - إن شاء الله - في سائر الأحاديث كالحديث الذي رواه حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل من أهل الشام عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ((أسلم تسلم. قال: وما الإسلام؟ قال: أن تسلم قلبك لله وأن يسلم المسلمون من لسانك ويدك. قال: فأي الإسلام أفضل؟ قال: الإيمان. قال: وما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالبعث بعد الموت. قال: فأي الإيمان أفضل؟ قال: الهجرة. قال: وما الهجرة؟ قال: أن تهجر السوء. قال: فأي الهجرة أفضل؟ قال: الجهاد. قال: وما الجهاد؟ قال: أن تجاهد أو تقاتل الكفار إذا لقيتهم ولا تغلل ولا تجبن. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عملان هما أفضل الأعمال إلا من عمل بمثلهما - قالها ثلاثا - حجة مبرورة أو عمرة)) رواه أحمد (4/114) (17068)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (1/55). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (3/476): رواه أحمد والطبراني ورجاله رجال الصحيح، وقال الألباني في ((الإيمان)) لابن تيمية (ص5): صحيح بشواهده. ولهذا يذكر هذه المراتب الأربعة فيقول: ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم والمهاجر من هجر السيئات والمجاهد من جاهد نفسه لله)) رواه عبد بن حميد في مسنده (336). وقال الألباني في ((الإيمان)) لابن تيمية (ص6): صحيح. والحديث روى بعضه البخاري (10)، ومسلم (40). من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. . وقد ثبت عنه من غير وجه أنه قال: ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم)) رواه الترمذي (2627)، والنسائي (8/104)، وأحمد (2/379) (8918). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وهو ما قاله الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)). . ومعلوم أن من كان مأمونا على الدماء والأموال؛ كان المسلمون يسلمون من لسانه ويده ولولا سلامتهم منه لما ائتمنوه. وفي حديث عبد الله بن عبيد بن عمير أيضا عن أبيه عن جده أنه ((قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما الإسلام؟ قال: إطعام الطعام وطيب الكلام. قيل: فما الإيمان؟ قال: السماحة والصبر. قيل: فمن أفضل المسلمين إسلاما؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده. قيل: فمن أفضل المؤمنين إيمانا؟ قال: أحسنهم خلقا. قيل فما أفضل الهجرة؟ قال: من هجر ما حرم الله عليه. قال: أي الصلاة أفضل؟ قال: طول القنوت. قال: أي الصدقة أفضل؟ قال: جهد مقل. قال: أي الجهاد أفضل؟ قال: أن تجاهد بمالك ونفسك؛ فيعقر جوادك ويراق دمك. قال أي الساعات أفضل؟ قال: جوف الليل الغابر)) ذكره ابن تيمية في ((الإيمان)) (ص7) وقال الألباني: صحيح. . ومعلوم أن هذا كله مراتب بعضها فوق بعض؛ وإلا فالمهاجر لابد أن يكون مؤمنا وكذلك المجاهد ولهذا قال: ((الإيمان: السماحة والصبر)). وقال في الإسلام: ((إطعام الطعام وطيب الكلام)). والأول مستلزم للثاني؛ فإن من كان خلقه السماحة فعل هذا بخلاف الأول؛ فإن الإنسان قد يفعل ذلك تخلقا ولا يكون في خلقه سماحة وصبر. وكذلك قال: (أفضل المسلمين من سلم المسلمون من لسانه ويده. وقال: أفضل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا. ومعلوم أن هذا يتضمن الأول؛ فمن كان حَسِن الخلق فعل ذلك. قيل للحسن البصري: ما حسن الخلق؟ قال: بذل الندى وكف الأذى وطلاقة الوجه. فكف الأذى جزء من حسن الخلق. وستأتي الأحاديث الصحيحة بأنه جعل الأعمال الظاهرة من الإيمان كقوله: ((الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق)) رواه البخاري (9)، ومسلم (35) واللفظ له. من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. . وقوله لوفد عبد القيس: ((آمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وأن تؤدوا خمس ما غنمتم)) رواه البخاري (53) وهذا لفظه، ومسلم (17). من حديث ابن عباس رضي الله عنه. . ومعلوم أنه لم يرد أن هذه الأعمال تكون إيمانا بالله بدون إيمان القلب؛ لما قد أخبر في غير موضع أنه لا بد من إيمان القلب فعلم أن هذه مع إيمان القلب هو الإيمان... وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد ألا وهي القلب)) رواه البخاري (52)، ومسلم (1599). من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه. . فمن صلح قلبه صلح جسده قطعاً بخلاف العكس... فعلم أن القلب إذا صلح بالإيمان؛ صلح الجسد بالإسلام وهو من الإيمان؛ يدل على ذلك أنه قال في حديث جبرائيل: ((هذا جبريل جاءكم يعلمكم دينكم)) رواه البخاري (50)، ومسلم (9). فجعل (الدين) هو الإسلام والإيمان والإحسان. فتبين أن ديننا يجمع الثلاثة لكن هو درجات ثلاث: (مسلم) ثم (مؤمن) ثم (محسن) كما قال تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ [فاطر: 32] والمقتصد والسابق كلاهما يدخل الجنة بلا عقوبة بخلاف الظالم لنفسه. وهكذا من أتى بالإسلام الظاهر مع تصديق القلب؛ لكن لم يقم بما يجب عليه من الإيمان الباطن؛ فإنه معرض للوعيد ... وأما (الإحسان) فهو أعم من جهة نفسه وأخص من جهة أصحابه من الإيمان. (والإيمان) أعم من جهة نفسه وأخص من جهة أصحابه من الإسلام. فالإحسان يدخل فيه الإيمان والإيمان يدخل فيه الإسلام والمحسنون أخص من المؤمنين والمؤمنون أخص من المسلمين؛ وهذا كما يقال: في (الرسالة والنبوة) فالنبوة داخلة في الرسالة والرسالة أعم من جهة نفسها وأخص من جهة أهلها؛ فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا؛ فالأنبياء أعم والنبوة نفسها جزء من الرسالة فالرسالة تتناول النبوة وغيرها بخلاف النبوة؛ فإنها لا تتناول الرسالة. والنبي صلى الله عليه وسلم فسر (الإسلام والإيمان) بما أجاب به؛ كما يجاب عن المحدود بالحد إذا قيل ما كذا؟ قيل: كذا وكذا مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية - بتصرف- 7/5


كذلك أيضا مما يتعلق بالإيمان مسألة الإسلام ... والخلاف في مسماه، ...على ثلاثة أقوال:
طائفة قالت: الإسلام هو الكلمة، أي الشهادتان، وهذا مروي عن الزهري رواه أبو داود (4684)، وابن حبان (1/380)، والحميدي في ((المسند)) (1/37)، وعبد بن حميد في ((المسند)) (1/77). قال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): صحيح الإسناد مقطوع. ، وبعض أهل السنة قالوا: الإسلام هو الكلمة، والإيمان هو العمل، المذهب الثاني: طائفة قالوا الإسلام والإيمان مترادفان، وهذا مروي عن بعض أهل السنة، ويتزعمهم البخاري، وهو أيضا ذهب إليه الخوارج والمعتزلة.
المذهب الثالث: أن الإسلام هو العمل والإيمان هو التصديق والإقرار، جعلوا الإسلام هو الأعمال الظاهرة والإيمان الأعمال الباطنة، واستدلوا بحديث جبريل رواه البخاري (50)، ومسلم (9، 10). ، والصواب في المسألة أن الإيمان والإسلام تختلف دلالتهما بحسب الإفراد والاقتران، فإذا أطلق الإسلام وحده دخل فيه الأعمال الباطنة والأعمال الظاهرة، وإذا أطلق الإيمان وحده دخل فيه الأعمال الباطنة والأعمال الظاهرة، وإذا اجتمعتا، فسر الإسلام بالأعمال الظاهرة، وفسر الإيمان بالأعمال الباطنة كما في حديث جبريل، فإن جبريل لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام فسره بالأعمال الظاهرة، ولما سأله عن الإيمان فسره بالأعمال الباطنة.
هذا هو الصواب أن الإسلام إذا أطلق وحده دخل فيه الإيمان، والإيمان إذا أطلق وحده دخل فيه الإسلام، وإذا اجتمعا فسر الإسلام بالأعمال الظاهرة والإيمان بالأعمال الباطنة، أما الأدلة والمناقشات يأتي الكلام عليها إن شاء الله.
قلنا إن الناس في مسمى الإسلام لهم أقوال: القول الأول: من يقول: إن الإسلام هو الكلمة والإيمان هو العمل، يقول: مسمى الإسلام هو الكلمة، يعني الشهادتين، وهذا مروي عن الزهري وبعض أهل السنة، قالوا الإسلام الكلمة، والإيمان العمل، واحتج هؤلاء بقول الله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ [فاطر: 32] قالوا فالمسلم الذي لم يقم بواجب الإيمان هو الظالم لنفسه والمقتصد، هو المؤمن المطلق الذي أدى الواجب وترك المحرم.
والسابق بالخيرات هو المحسن الذي عبد الله كأنه يراه، ولكن وجهة نظر الزهري هي أن من أتى بالشهادتين صار مسلما، يتميز عن اليهود والنصارى، تجري عليه أحكام الإسلام التي تجري على المسلمين. والزهري لم يرد أن الإسلام الواجب هو الكلمة وحدها؛ فإن الزهري أجل من أن يخضع لذلك، ولهذا فإن أحمد رحمه الله في أحد أجوبته لم يجب بهذا، خوفا من أن يظن أن الإسلام ليس هو إلا الكلمة، وقد رد محمد بن نصر على من قال بهذا القول، فقال من زعم أن الإسلام هو الإقرار، وأن العمل ليس منه فقد خالف الكتاب والسنة، فإن النصوص كلها تدل على أن الأعمال من الإسلام كحديث جبريل، وفيه بني الإسلام على خمس، وذكر الأعمال الشهادتان والصلاة والزكاة والصوم والحج شرح العقيدة الطحاوية لعبد العزيز بن عبد الله الراجحي - 1/246


ويمكن أن نجمل ما سبق في قاعدتين: القاعدة الأولى: لا إيمان لمن لا إسلام له، ولا إسلام لمن لا إيمان له.
والمقصود هنا الإيمان والإسلام المقبولان عند الله عز وجل.
قال أبو طالب المكي: (.. فمثل الإسلام من الإيمان، كمثل الشهادتين إحداهما من الأخرى في المعنى والحكم، فشهادة الرسول، غير شهادة الوحدانية، فهما شيئان في الأعيان، وإحداهما مرتبطة بالأخرى في المعنى والحكم كشيء واحد، كذلك الإيمان والإسلام أحدهما مرتبط بالآخر، فهما كشيء واحد، لا إيمان لمن لا إسلام له، ولا إسلام لمن لا إيمان له، إذ لا يخلو المسلم من إيمان به يصح إسلامه، ولا يخلو المؤمن من إسلام به يحقق إيمانه، من حيث اشترط الله للأعمال الصالحة الإيمان، واشترط للإيمان الأعمال الصالحة، فقال في تحقيق ذلك: فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ [الأنبياء: 94]
وقال في تحقيق الإيمان بالعمل: وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى [طه: 75] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (7/333). . ويقول ابن أبي شيبة: لا يكون الإسلام إلا بإيمان، ولا إيمان إلا بإسلام... ((تعظيم قدر الصلاة)) للمروزي (2/528). .وقال الإمام البغوي في تعليقه على حديث جبريل عليه السلام: جعل النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الإسلام اسماً لما ظهر من الأعمال، وجعل الإيمان اسماً لما بطن من الاعتقاد، وليس ذلك لأن الأعمال ليست من الإيمان، أو التصديق بالقلب ليس من الإسلام لو قال: ليس شرطاً في الإسلام لكان أولى لأنه لم يرد في النصوص إطلاق الإسلام على التصديق (أي قول القلب). ، بل ذلك تفصيل لجملة هي كلها شيء واحد، وجماعها الدين ولذلك قال: ((ذاك جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم)) رواه البخاري (50)، ومسلم (9، 10). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. والتصديق والعمل يتناولهما اسم الإيمان والإسلام جميعاً...) ((شرح السنة للبغوي)) (1/10). .
إذاً يمكن تلخيص هذه القاعدة بما يلي:
إن بين الإسلام والإيمان تلازماً فلا يمكن أن يوجد أحدهما بدون الآخر، فلا يصح الإسلام ولا يوجد بدون أصل الإيمان، فإذا انتفى أصل الإيمان بطل الإسلام، كذلك لا يصح ولا يوجد إيمان بدون إسلام (أي عمل الجوارح، وعمل القلب) فلو انتفى العمل لدل ذلك على بطلان الإيمان وفساده.
القاعدة الثانية: أن الاسم الواحد ينفي ويثبت بحسب الأحكام المتعلقة به، فلا يجب إذا أثبت أو نفى في حكم أن يكون كذلك في سائر الأحكام... كذلك كل ما يكون له مبتدأ وكمال، ينفي تارة باعتبار انتفاء كماله، ويثبت تارة باعتبار ثبوت مبدئه انظر هذه القاعدة وشرحها وأمثلة لها في ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (7/421-422). .
ذكر هذه القاعدة شيخ الإسلام ابن تيمية وهذا من دقته - رحمه الله - وسعة بحثه واستقرائه، وقبل أن نطبقها على مسألة الإيمان نذكر مثالاً من الأمثلة التي ذكرها لتتضح القاعدة أكثر.
قال: (ولفظ النكاح وغيره في الأمر، يتناول الكامل، وهو العقد والوطء، كما في قوله: فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء [النساء: 3] وقوله: حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ [البقرة: 230] وفي النهي يعم الناقص والكامل، فينهى عن العقد مفرداً، وإن لم يكن وطء، كقوله: وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء [النساء: 21]، وهذا لأن الآمر مقصوده تحصيل المصلحة، وتحصيل المصلحة إنما يكون بالدخول كما لو قال: اشتر لي طعاماً، فالمقصود ما يحصل إلا بالشراء والقبض، والناهي مقصوده دفع المفسدة، فيدخل كل جزء منه، لأن وجوده مفسدة، وكذلك النسب والميراث معلق بالكامل منه، والتحريم معلق بأدنى سبب حتى الرضاع) ((مجموع الفتاوى)) (7/421-422). .
قال: (وكذلك الإيمان له مبدأ وكمال، وظاهر وباطن، فإذا علقت به الأحكام الدنيوية من الحقوق والحدود كحقن الدم، والمال، والمواريث، والعقوبات الدنيوية، الدنيوية من الحقوق والحدود كحقن الدم، والمال، والمواريث، والعقوبات الدنيوية، علقت بظاهره، لا يمكن غير ذلك، إذ تعليق ذلك بالباطن متعذر، وإن قدر أحياناً، فهو متعسر علماً وقدرة، فلا يعلم ذلك علماً يثبت به في الظاهر، ولا يمكن عقوبة من يعلم ذلك منه في الباطن... وأما مبدؤه فيتعلق به خطاب الأمر والنهي، فإذا قال الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ [المائدة: 6] ونحو ذلك، فهو أمر في الظاهر لكل من أظهره، وهو خطاب في الباطن لكل من عرف من نفسه أنه مصدق للرسول، وإن كان عاصياً، وإن كان لم يقم بالواجبات الباطنة والظاهرة،... وأما كماله فيتعلق به خطاب الوعد بالجنة، والنصرة والسلامة من النار، فإن هذا الوعد إنما هو لمن فعل المأمور وترك المحظور، ومن فعل بعضاً وترك بعضاً فيثاب على ما فعله، ويعاقب على ما تركه، فلا يدخل في اسم المؤمن المستحق للحمد والثناء دون الذم والعقاب ومن نفى عنه الرسول الإيمان، فنفي الإيمان في هذا الحكم أي: حكم الآخرة. ، لأنه ذكر ذلك على سبيل الوعيد، إنما يكون بنفي ما يقتضي الثواب ويدفع العقاب، ولهذا ما في الكتاب والسنة من نفي الإيمان عن أصحاب الذنوب، فإنما هو في خطاب الوعيد والذم، لا في خطاب الأمر والنهي، ولا في أحكام الدنيا) ((مجموع الفتاوى)) (7/423-424) .
وكلام المروزي.. يتفق مع هذه القاعدة حيث قال: (إن اسم المؤمن قد يطلق على وجهين: اسم بالخروج من ملل الكفر، والدخول في الإسلام، وبه تجب الفرائض.... ويجري عليه الأحكام والحدود. واسم يلزم بكمال الإيمان وهو اسم ثناء وتزكية، يجب به دخول الجنة والفوز من النار.. إلخ كلامه...) ((تعظيم قدر الصلاة)) (2/536 -540). نواقض الإيمان الاعتقادية وضوابط التكفير عند السلف لمحمد بن عبد الله بن علي الوهيبي – 1/57
للمزيد من مواضيعي

 

الموضوع الأصلي : هل الإسلام هو الإيمان؟         المصدر : منتديات الاميرة يارا         الكاتب : No mercy



ig hgYsghl i, hgYdlhk? lk hgHslhx

No mercy غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس