مساء الورود
القصص القرآني
تُعرف القصة لغةً على أنّها عملية تتبع الآثر، فقد ورد ذكرها في القرآن الكريم حيث قال الله سبحانه وتعالى في سورة الكهف (فَارْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصًا) [الكهف: 64]، أما اصطلاحاً فتعني الخبر الذي يتكون من مجموعة من الأحداث المترابطة التي تتخللها قصة.
استخدم القرآن الكريم النبأ والخبر كنايةً عن الزمن الماضي، لكن استخدم الخبر ومشتقاته في حال الحديث عن الأحداث القريبة، في حين استخدم النبأ عند الحديث عن الأحداث التي حدثت منذ زمن بعيد، ونستدل على ذلك من قوله تعالى: (نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ) [الكهف: 13]، ويجدر بالذكر أن القرآن الكريم يستخدم الخبر في بعض الأحيان للأخبار عن أحداث ستحدث في المستقبل، ومثال ذلك قوله تعالى: (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) [القمر: 45].
مميزات وخصائص القصص القرآني
يعد القصص القرآني واقعاً لمشاهد حقيقة، حيث لا مجال للخيال فيه، كما لا يوجد روابط وعلاقة له بالحكايات والأساطير التي يحيكها المؤلفون، والتي عادةً تكون من نسج الخيال.
يعد مصدر القصص القرآني من الله سبحانه وتعالى، إذ جاء مناسباً لما يحتاج الناس إليه من عبر وتعاليم، كما جاء مخاطباً لمكنون أنفسهم وعقولهم.
لا يعتبر تأريخاً للبشرية والناس طبقاً لمنهج المؤلفين والمؤرخين بالرغم من أنّه جاء مستنبطاً من الواقع وتألف من الحقائق؛ حيث إنّه لم يهتم بتحليل الأحداث أو الأماكن، إنّما تناول من التاريخ ما ينفع الدعوة الإسلامية و يفيدها.
يهدف التكوين القصصي للقصص القرآني لخدمة القضية الرئيسية والأولى، ألا وهي الدعوة لتوحيد الله وعبادته وحده لا شريك له.
لا يولى القرآن الكريم عنايةً واهتماماً لكل من عنصر المكان والزمان، إذ لا يذكرهما إلا في حال كانا يخدمان القضية الأساسية.
لعبت المشاهد التي قام القصص القرآني بذكرها والاستعانة بها دوراً كبيراً في تحقيق الهدف المنشود الذي تم ذكرها من أجله.
يعد الهدف من تكرار القصة الواحدة أكثر من مرة في عدة مواقع هو التأكيد والتوضيح.
يعد الأسلوب القرآني أسلوباً شيقاً وراقٍ، إذ لا يؤثر في العبرة أو المعنى المستهدف من ذكر القصة التي يتحدث عنها القرآن.
أهداف ومقاصد القصص القرآني
تثبيت الدين والعقيدة السليمة، وتنقية النفس البشرية وتطهيرها من الخرافات، إضافة لارساء إيمان الإنسان بالله تعالى وكتبه وملائكته ورسله والقدر شره وخيره واليوم الآخر.
مواساة الرسول عليه الصلاة والسلام بالاعتبار وتثبيت المؤمنين والاهتداء بالصالحين السابقين في الإصرار والعزيمة على الدعوة إلى دين لله سبحانه وتعالى دون كلل أو ملل أو خوف من كافر أوفاسق أو جائر.
التأييد للرسول عليه الصلاة والسلام، فهو بالرغم من أنّه كان أمياً إلا أنّه كان دوماً يخبر بالأحداث التي حدثت سابقاً والأحداث التي ستحدث مستقبلاً.
غرس الأخلاق النبيلة والحميدة في نفوس الناس، وتربية نفس المسلم على الإيمان بالله، وتهيئته لتحمل مشاق ومتاعب الدعوة إلى الدين الإسلامي، إضافةً إلى الجهاد من أجل نشر منهجه ودينه.
الدعوة إلى دين الله سبحانه وتعالى، وعبادته وحده لا شريك له، ونشر التوحيد.
القصص القرآنيّة هي مجموعة الأخبار التي أخبر الله تعالى بها رسوله الكريم وجماعة المؤمنين والمسلمين، وكلّ أفراد البشرية عنها، وهذه الأخبار هي أخبار الأمم البائدة والرسل والأنبياء السابقين الّذين جاؤوا برسالاتهم قبل الرّسول الأعظم خاتم الأنبياء والمرسلين.
لم توجد القصص القرآنيّة في القرآن الكريم من باب المرح والتسلية وإضفاء مساحات فاصلة تروّح عن النفس بين الآيات الأخرى، ولكنّها كانت جزءاً أصيلاً من كتاب الله – عز وجل – حتى تؤخذ العظة والعبرة منها، وحتى تكون دليلاً يهتدي به الناس في أشدّ الأوقات عتمة.
النّماذج التي تمّ ذكرها في القصص القرآنيّة سواء من القصص بحدّ ذاتها أم من الأشخاص الّذين تمحورت حولهم القصة إذا ما أردنا إيجاد العامل المشترك بينهم جميعاً نجد أنّ هذه النماذج تتكرّر ولكن بأوجه وأشكالٍ مختلفة في كافّة الأزمنة والأمكنة، لهذا السبب تمّ ذكر هذه القصص دوناً عن غيرها من القصص، فالواقع والحقيقة يشيران إلى أنّ الفترة التي سبقت بعثة الرسول الأعظم محمد – صلّى الله عليه وسلم – والّتي امتدّت منذ آدم عليه السلام إلى الوقت الّذي نزل فيه جبريل على الرسول في غار حراء لم تكن بالفترة البسيطة؛ بل كانت عبارةً عن آلاف السنين، لهذا فقطعاً هي تحتوي على العديد من القصص الأخرى غير القصص التي ورد ذكرها في كتاب الله تعالى، ولهذا السبب نجد أنّ القصص القرآنيّة لم توجد عبثاً قي القرآن الكريم، بل هي جزء أصيل له فائدة ومعنى في كتاب الله – عزّ وجل -.
لم يكن كتاب الله يوماً من الأيام كتاباً عادياً، لهذا فإنّه ينبغي أن يتمّ التعامل معه على هذا الأساس، أي تعاملاً غير عاديّ، والتعامل غير العاديّ مع القرآن يكون بتنزيهه عن كلّ النواقص مهما كانت، بالإضافة إلى ذلك فإنّه ينبغي أن تكون هناك العديد من الدراسات الجديّة التي يجب أن تستعين بعلوم اللغة العربية كلها، وأن تكون هناك جهود متضافرة متعاضدة في سبيل تحقيق هذه الغاية، والقصص القرآنيّة يجب أن يتم إسقاطها على الواقع لمعرفة كيفيّة التعامل مع الأحداث أولاً بأول.
مما قرأت
منى
للمزيد من مواضيعي