!!! رسالة الى أب مسلم من ابنه !!!
الحمدلله والصلاة والسلامعلى رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعيناسمح لي يا أبتي بكلمة عتاب أرتقي بها إلىمقامك العالي وأبثها من مكمنك الغالي
في نفسي فيكفي أن الله جعلك الخيمة التي بهااستظل والعماد الذي به يقوم أودي.. فهذه كلمة لم أحدثك بمثلها من قبل قط، فمن أناحتى أقف أمامك؟ وأين شأوي من شأوك؟ سوى أني قطعة منك ولك، وزينة من زينة الدنياالتي استُحفظتَ عليها واستؤمنت.. وإنما اسمي امتداد لاسمك وما أنا إلا ولد صالحيدعو لك !! أو.. إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح.
إنما أنا قرّة عينك وريحانةفؤادك فهل فكرت يا أبتي في تعاهد تربية ولدك؟ ومن هم أصحابه وخاصته ومن يروح معهمويغدو؟ وتعلم أن من جالس جانس وحسبك بهذا من تأثير الصحبة سيئة كانت أم حسنة.
ولستُ هنا لأعلمك - حاشاك - ولكن مما رأت عيني من شباب كانت وجوههم تقطر خلقاًوحياءً وديناً فلما صاحبوا الأشرار صاروا مثلهم فأظلمت وشاهت تلك الوجوه وهانتعليهم دروب المعصية.. ومات فيهم وازع الدين ورادع الضمير وذلك من كث
رة الذنوبوإلفها.. وكما يقولون في الأمثال كثرة الإمساس تميت الإحساس !!
أبي الغالي.. هذا ولدك عندك في الصباح والمساء يروح عليك ويغدو ويسرح ويمرح فهل سألته مرة عنصلاته إن كان يحسنها ويعرف شروطها وأركانها وإن كان يقيمها في أوقاتها. بل ألاسألته إن كان يصليها البتة وحبيبنا صلى الله عليه وسلم يقول: { العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر }.
هل سألته مره كم يحفظ من كتاب الله؟ ومن قدوته ومثله الأعلىوما هي أهدافه في هذه الحياة وطموحاته !!
وإني لا أعني مجرد السؤال الذي يتصوربعض الناس إن الذمة تبرأ به ولكن أعني متابعة التربية له ..
نعم أنت مشغولوأعانك الله وسدد خطاك ولكن ليس إلى هذه الدرجة ! أبي الغالي ألتقط أنفاسك.. هدئ منعجلتك.. وراجع جدولك اليومي والأسبوعي الذي أجزم أنه يحتوي على كثير من الأشياءالتي يمكنك الاستغناء بنا عنها. نحن أولى يا أبي.. نحن أولى بك منهم.
هل تذكريا أبتي؟.. أتذكر اليوم عندما خرجتُ وإياك من حلقة علم ثم صلينا سويا وكلنا قلوبمفعمة بالإيمان الذي أستقر في معتقدنا أنه يزيد و ينقص، يزيد بالطاعات وينقص بضدها،وقد هبت لنا رياح السكينة وراحة الطمأنينة التي رأيت فيها عينيك تذرفان من خشيةالله !! ووالله إن ذلك الموقف كان أحب إلي من أغلى جوائز الدنيا وبهارجها وزينتهاالغرارة وأحبّ إليّ من كل اللعب التي امتلأت بها غرفتي حتى كدتُ أن لا أجد فيهامكانا لكتاب مفيد.
أبي الغالي.. ألا ليتك تعلم كم أنتظر يوم الجمعة وكم أحبه ! ولكن لماذا أحبه ولماذا أنتظره؟؟ لأنه عيدنا نحن المسلمين ولأنه يوم عظيم ولأنهأيضاً ربما كان اليوم الوحيد الذي أحبه فيه الفرصة للتحدث معك وأن أجلس بجانبكوأحدثك وتحدثني ومعنا أخواي اللذان يصغراني جالسين معنا .
أبتي أنت لا تعرفقيمة هذه الدقائق التي نقضيها معك.. لا تدري مقدار الفخر الذي نشعر به والاعتزازالذي يملأ جوانحنا وأنت تعاملنا مثل الرجال وتحاورنا وتلاطفنا وتتجاذب معنا أطرافالأحاديث وأحياناً نستبق أنا وإخوتي في رسم الابتسامة على محياك العزيز على نفوسنابذكر آخر الطرف المسلية علها تنال استحسانك وعلنا نظفر منك بلفتة إعجاب أو كلمةثناء.
وإن أنسى شيئاً يا أبتي، لا أنسى كلماتك الحارّة في الدعاء والثناء علىمعلم في حلقة علم عن أهمية تربية الأبناء وتنشئتهم تنشئة صالحة وعن خطر وسائلالإعلام والبث وخطر القنوات الفضائية وبيّن حكمَ الله في تحريم كل وسيلة يغلب الشرفيها على الخير واستدل بالأدلة الواضحة التي لا مجال للجدال فيها، فذكر قول ربنا عزوجل: يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناسوإثمهما أكبر من نفعهما
، وكيف أن الله تعالى علّق علّة التحريم في الخمروالميسر بغلبة الإثم فيهما على النفع حتى اشتق من هذه الآية العظيمة قاعدة المصالحوالمفاسد عند العلماء الفقه وقواعده.
ثم ذكر معلمنا فيما ذكر قول الرسولصلى الله عليه وسلم: {
ما من عبدٍ يسترعيه الله رعيةيموت يوم يموت وهو غاشّ لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة}
. أقسم لكيا أبي أني أخاف عليك وعلى والدتي من هذا الوعيد الشديد.
وكم سمعتك يا أبي مراتومرات تقول أنك جئت بهذا الجهاز لمتابعة الأخبار ولكني أؤكد لك نيابة عن إخوتي أننالا نتابع الأخبار ولا نهتم بالأخبار ولا بما يحدث وراء البحار !!
وأنا أذكر يومقلت لي بالحرف الواحد عندما سألتك عن حكمه - موافقاً لما قال معلمنا مُثَنّياًومُثلّثاً ومؤكداً - إنه حرام.. حرام.
إذن فما بالك الآن يا أبي تترك لنا الحبلعلى الغارب تدخل وتخرج من البيت وترانا متحلقين أمام التلفاز في أوقات الصلاة نتابعكل ما يضرّ ولا ينفع ولا نراك تحرك ساكناً..
أبي ألا ترى أننا صرنا ننشغل عنمراسم الاستقبال لك والتشييع التي كنا نقوم بها طواعية - شوقاً وتلهفاً - عند قدومكوقبيل مغادرتك للمنزل.
ثم ها إنك ترى آثار هذه الثقافة الغريبة على مجتمعناوديننا والتي نتلقاها من خلال هذه الشاشة على أشكالنا وأفكارنا، وقد صرنا نقول مالمنقل من قبل ونفعل.. وأنت ترى تأثير ذلك على أخيّاتي الصغيرات أيضاً وعلى حيائهنولباسهن.. وها هي الروابط الحميمة أخذت تضعف في ما بيننا حتى وقت اجتماع الأسرة علىالطعام.
من أين يا أبي تظن أننا نتعلم الخير؟
وكيف تريدنا أن نقتدي بأخلاقالرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته ونتعلم من سيرة أصحابه وسلف هذه الأمة ونحن نتغذىعلى عادات الكفار وأخلاقهم صباح مساء؟.. إنك لا تجني من الشوك العنب !
أبيالغالي ونحن نشهد لك على حرصك على أن تستجيب لنا اللباس والأثواب وتستطيب لناالطعام والشراب وهذا عمل أنت عليه بإذن الله مأجور مشكور ومذكور.
ولكن ألا فكرتفي غذاء أرواحنا والإيمان الذي جفّت ينابيعه فينا أو كادت.. وحتى عندما جاءت أميمشجعة إياك وطلبت منك أخذنا وتسجيلنا في حلقات تعليم القرآن اعتذرت في تلك الليلةبأنك على موعد ذي شأن لا يمكن تأجيله.. ثم نسيت الأمر أو شغلت عنه على أهميتهلمستقبل فلذات كبدك، وحتى خبت جذوة الحماس عند أمي أو أنها شغلت مثلك أيضاً.
أبي الغالي.. أدعوك إلى أن تتبصر في ما جاء في رسالتي هذه التي تجرأت على مضضأن أكتبها لك وأسلمها بيدي إلى يدك.. وأنا لا أكاد أقدر أن أضع عيني في عينك حياءمنك..
أبي الحبيب أين قلبي وقلبك من كتاب الله ومواعظه التي تتفتتُ لها صمُّالحجارة وتفجر ينابيع الحكمة في نفوس الأبرار؟يا أيهاالذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدّمت لغدٍ واتقوا الله إن الله خبير بماتعملون * ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون * لا يستويأصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون * لو أنزلنا هذا القرآن على جبلٍلرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرونأبي وحبيبي.. أرجوك أرجوك أن تتذكر هذه الساعة وتجعلها ماثلة بين عينيك: كلا إذا بلغت التراقي * وقيل من راق * وظن أنه الفراق * والتفتالساق بالساق * إلى ربك يومئذ المساق..
ألا فاتقِ الله فينا يا أبيوتذكر النذارة.. النذارة.. يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس و الحجارةالتوقيع.. ابنك المشفق
والله ولي التوفيق للجميع
للمزيد من مواضيعي
!!! vshgm hgn Hf lsgl lk hfki