أدراج البلدية في نابلس ..لوحة فنية تلونها المعاناة
تتصف مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة بطبيعتها الجبلية، حيث تقع بين جبلي عيبال وجرزيم، اللذان يعدان من أبرز المعالم الجغرافية فيها.
ونتيجة للتطور والزحف العمراني الكبير الناتج عن زيادة أعداد السكان، تنتشر في نابلس ما يطلق عليها بـ”أدراج البلدية” التي تصل غالبا بين شارعين ممتدين على عرض أحد الجبلين، ويسكن على جوانبها عشرات العائلات التي تصعد وتنزل بمعدل 150- 300 درجة يوميا.
وتجد العائلات التي تسكن على أطراف تلك الأدراج صعوبةً يوميةً تتمثل في صعود ونزول عدد كبير من الأدراج، التي ترهق الكبار والصغار على حد سواء، لا سيَّما في أوقات الحر الشديد.
معاناة يومية
أم أحمد (35عاما) تسكن في منتصف درج بلدية في منطقة الجبل الشمالي، كثيرا ما تلغي زياراتها الاجتماعية بسبب عدد الأدراج
الكبير الذي تضطر لصعوده في كل مرة لتقتصر على شراء حاجات العائلة الأساسية كالطعام أو الذهاب للطبيب.
وتقول أم أحمد لـ”صفا: “ما بجبرك على المر إلا الأمَر منه، وضع زوجي الاقتصادي السيئ أجبرني على السكن في منتصف درج بلدية بسبب رخص الإيجار، وأضطر في كل مرة صعود ونزول حوالي 150 درجة، حتى أطفالي يرفضون النزول في كثير من الأحيان لشراء حاجات المنزل”.
أما المقعد أبو جواد (54 عاما) والذي يسكن أيضا على أحد أدراج البلدية فيشير إلى أنه “لطالما يجد أبنائي صعوبة في حملي وإنزالي من بيتي لكي أرفه عن نفسي، وذلك بسبب عدد الأدراج الطويلة، لذلك أصبحت أفضل الجلوس في المنزل”.
ويضطر أبو جواد الذي بترت قدمه منذ سنتين بسبب غرغرينا أصابت ساقه للجلوس في بيته، ويصبح منعزل اجتماعيا لا يشارك أحد في مختلف المناسبات الاجتماعية، إضافة لقلة زيارة الأصدقاء له بسبب عدد الأدراج الطويلة التي سيصعدونها.
بينما يجد زياد (15عاما) متعة خاصة في صعود درج البلدية ونزوله خاصة أنه المكان المفضل للعلب مع أصدقائه, فيمضون وقتهم في لعب “البنانير” أو بالجلوس على الدرج والتحدث لساعات في شؤون الدراسة أو الرياضة، وساعدهم أيضا على تشكيل علاقات اجتماعية مع الأحياء العليا للدرج.
نضال (45عاما) أب لثمانية أطفال لا يجد صعوبة في صعود الدرج ونزوله أو مشكلة تعرقل حركته، فهو يعتبرها عادة صحية كتمارين لحماية القلب والعظام من الأمراض، ويرفض نضال أن يستقل تاكسي ليصل إلى بيته، ودائما ما يسعى لجعل أطفاله مثله.
مئات الأدراج..
بدوره، أوضح مسئول المشاريع في قسم الهندسة أسامة بريك أن مدينة نابلس بحاجة مستمرة لإنشاء أدراج بلدية في مختلف المناطق، وذلك بسبب طبيعتها الجبلية وامتداد النشاط العمراني على الجبال.
وأشار بريك في حديثه لـ”صفا” إلى أن البلدية تستقبل طلبات يومية من قبل المواطنين لإنشاء أدراج لتسهيل وصولهم لبيوتهم في المناطق المرتفعة، خاصة وأن هناك بعض المناطق من الصعب شق الشوارع فيها.
وبيَّن أن البلدية قامت خلال الأربع سنوات الماضية بإنشاء أكثر من مئة درج، حيث تصل تكلفة الدرج الواحد من 10-20 ألف دينار أردني، ويصل ارتفاع بعض الأدراج وخاصة القديمة إلى 400 درجة.
ولفت بريك إلى وجود أولويات لدى البلدية عند التخطيط لإنشاء الأدراج، كتوفر الدعم المالي والتأكد من ضرورة إقامة الدرج، وعدد السكان المستفيدين، وقال: “مادام هناك حياة في مدينة نابلس، فسيبقى الطلب على أدراج البلدية قائماً”.
خطر على الصحة
من جانبه، يحذر أخصائي الطب العام عبد الهادي أبو زنط من صعود ونزول الأدراج بصورة عشوائية، خاصة الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في القلب والمفاصل، ” فالشخص السليم قد يضر الدرج بصحته فكيف بالشخص المريض، خاصة في ظل ظروف الحياة ومشاكلها والضغوط النفسية التي يتعرض لها الأفراد والعادات الغذائية الخاطئة، والتدخين”، حسب الطبيب.
ويؤكد أبو زنط في حديثه لـ”صفا” أن صعود الدرج ليس رياضة كما هو المفهوم السائد لدي معظم الناس، بل أحيانا صعود الدرج بصورة عشوائية خمس أو ست مرات في اليوم يزيد من الأمراض المزمنة غير الوبائية مثل أمراض القلب والروماتيزم والسرطان.
ولفت إلى أنه ومن خلال عمله، فإن معظم الحالات التي تعاني من أمراض القلب يسكن أصحابها على مرتفعات أو على جوانب أدراج البلدية، مما يزيد من خطورة وضعهم الصحي، إضافة إلى إمكانية زيادة الخطر على مفاصل الجسم وخاصة ركب القدمين بسبب زيادة الضغط عليهما مما يؤدي إلى تآكلهما.
للمزيد من مواضيعي
H]vh[ hgfg]dm td khfgs >>g,pm tkdm jg,kih hgluhkhm